- Advertisement -
- Advertisement -
أطعمة ومشروبات لخفض حرارة الأطفال
عندما يصاب طفلك بالحمى، يصبح العالم كله مقلوبًا رأسًا على عقب. تشعرين بالقلق، تبحثين عن حلول سريعة، وتتساءلين: ماذا أفعل الآن؟ الحمى ليست عدوًا دائمًا، بل هي في الواقع جزء من دفاع الجسم الطبيعي ضد العدوى. لكن هذا لا يعني أننا نقف مكتوفي الأيدي. هناك طرق طبيعية وفعالة من خلال تقديم أطعمة ومشروبات لخفض حرارة الأطفال بسرعة والشعور بالراحة.
ما السبب في ارتفاع حرارة الأطفال؟
الحمى عند الأطفال شائعة جدًا، وتحدث لأسباب متعددة:
- قد تكون استجابة لعدوى فيروسية بسيطة مثل الزكام أو الإنفلونزا، أو ربما عدوى بكتيرية تحتاج إلى علاج طبي.
- أحيانًا، تظهر الحمى بعد التطعيمات كرد فعل طبيعي من الجهاز المناعي.
- التسنين قد يسبب ارتفاعًا طفيفًا في درجة الحرارة عند بعض الأطفال، رغم أن هذا الأمر لا يزال محل جدل بين الأطباء.
- الأطفال الصغار أكثر عرضة للحمى من البالغين لأن جهازهم المناعي لا يزال في طور النمو والتطور. كلما كان الطفل أصغر سنًا، كلما كان أكثر حساسية للعدوى. لذلك، من الطبيعي أن يصاب طفلك بالحمى عدة مرات في السنة، خاصة إذا كان يذهب إلى الحضانة أو يختلط بأطفال آخرين.
هل يمكن خفض الحرارة بالأطعمة والمشروبات فقط؟
دعينا نكون صريحين هنا: الأطعمة والمشروبات وحدها لن تعالج الحمى الناتجة عن عدوى بكتيرية خطيرة. لكنها يمكن أن تلعب دورًا داعمًا مهمًا جدًا في تحسين حالة طفلك وتسريع الشفاء. عندما يكون طفلك مريضًا، يحتاج جسمه إلى طاقة إضافية لمحاربة العدوى، وهنا يأتي دور التغذية الصحيحة.
⇐ الترطيب هو المفتاح الأول، عندما ترتفع الحرارة، يفقد الجسم سوائل أكثر من المعتاد عن طريق التعرق والتنفس. إذا لم نعوض هذه السوائل، قد يصاب الطفل بالجفاف، وهذا أمر خطير. ثانيًا، بعض الأطعمة تحتوي على مواد مضادة للالتهابات ومقوية للمناعة، مما يساعد الجسم في معركته ضد المرض.
♥ لكن تذكري دائمًا: الأطعمة والمشروبات هي جزء من الحل، وكذلك الكمادات للطفل المحموم، وليسوا بديلاً عن العناية الطبية عند الحاجة. إذا كانت الحمى عالية جدًا أو مستمرة، أو إذا كان طفلك يبدو مريضًا جدًا، فيجب استشارة الطبيب فورًا.

المشروبات التي تساعد على خفض الحرارة
الماء: متى وكيف يُعطى؟
الماء هو الخيار الأول والأهم. يحتاج جسم الطفل المريض إلى سوائل أكثر من المعتاد، والماء هو أفضل طريقة لتعويض ما يفقده. لكن كيف تعرفين أن طفلك يحصل على كمية كافية؟
- راقبي عدد مرات التبول. إذا كان طفلك يبلل حفاضه أقل من المعتاد، أو إذا كان لون البول داكنًا، فهذا يعني أنه يحتاج إلى سوائل أكثر.
- الفم الجاف والشفاه المتشققة أيضًا علامات على الجفاف. لا تنتظري حتى يطلب طفلك الماء، بل قدميه له بانتظام على مدار اليوم.
بالنسبة للرضع الذين يرضعون طبيعيًا، أكثري من عدد الرضعات. حليب الأم يحتوي على كل ما يحتاجه الرضيع من سوائل وأجسام مضادة تساعد في محاربة العدوى. أما الأطفال الأكبر سنًا، فيمكنك تقديم الماء لهم في كوب ملون جذاب، أو استخدام مصاصة ممتعة لتشجيعهم على الشرب.
العصائر المخففة: التفاح، العنب، الرمان
العصائر الطبيعية المخففة يمكن أن تكون خيارًا جيدًا، لكن بشرط واحد: يجب أن تكون مخففة بالماء. العصير المركز يحتوي على سكريات كثيرة قد تزعج معدة الطفل المريض وتسبب الإسهال.
- عصير التفاح المخفف هو الأكثر أمانًا وقبولاً عند الأطفال. يحتوي على فيتامينات مفيدة وسهل الهضم.
- عصير العنب الطبيعي أيضًا جيد، لكن خففيه جيدًا حتى لا يكون ثقيلًا.
- أما عصير الرمان، فهو غني بمضادات الأكسدة التي تقوي المناعة، لكنه قد يكون حامضًا قليلاً، فتأكدي من أن طفلك يتقبله.
النسبة المثالية هي ثلاثة أجزاء ماء إلى جزء واحد من العصير. هذا يعطي طفلك طعمًا لذيذًا يشجعه على الشرب، دون أن تثقلي معدته بالسكريات.
المرق والشوربة: فوائد الترطيب والأملاح
المرق الدافئ هو كنز حقيقي عندما يكون طفلك مريضاً ويعاني من الحمى. ليس فقط لأنه يوفر السوائل، بل أيضًا لأنه يحتوي على أملاح طبيعية يحتاجها الجسم، خاصة إذا كان طفلك يعاني من التعرق الشديد أو القيء.
♦ مرق الدجاج المنزلي هو الأفضل. اسلقي دجاجة كاملة مع بعض الخضروات كالجزر والبصل والكرفس، ثم صفي المرق. يمكنك إضافة قليل من الملح، لكن دون إفراط. إذا كان طفلك صغيرًا جدًا، يمكنك تقديم المرق الصافي فقط. أما الأطفال الأكبر، فيمكنهم تناول الشوربة مع قطع صغيرة من الدجاج والخضروات المهروسة.
♦ شوربة الخضروات أيضًا خيار ممتاز، خاصة إذا كان طفلك لا يحب اللحوم كثيرًا. استخدمي البطاطس والجزر والكوسة، واهرسيها جيدًا حتى تكون سهلة البلع والهضم.
الأعشاب الآمنة للأطفال: النعناع، اليانسون، الكراوية
الأعشاب الطبيعية يمكن أن تساعد في تهدئة طفلك وتخفيف بعض أعراض المرض، لكن يجب اختيارها بعناية. ليست كل الأعشاب آمنة للأطفال، خاصة الصغار منهم.
- النعناع الدافئ (وليس الساخن) يساعد في تهدئة المعدة وتخفيف الغثيان. يمكنك نقع بعض أوراق النعناع الطازجة في ماء مغلي، ثم تركه ليبرد قليلاً قبل تقديمه لطفلك. أضيفي ملعقة صغيرة من العسل (للأطفال فوق السنة فقط) لتحسين الطعم.
- اليانسون مفيد للأطفال الذين يعانون من السعال أو انسداد الأنف. له تأثير مهدئ على الجهاز التنفسي. لكن قدميه بكميات قليلة، فبعض الأطفال لا يحبون طعمه القوي.
- الكراوية ممتازة لتخفيف المغص والانتفاخ، وهي آمنة حتى للرضع الصغار بكميات معتدلة جدًا. لكن استشيري طبيب الأطفال قبل إعطاء أي أعشاب للرضع تحت ستة أشهر.
أطعمة تخفض الحرارة للأطفال
الفواكه الغنية بالماء وفيتامين C
الفواكه هي أفضل صديق للطفل المريض. فهي غنية بالفيتامينات والمعادن، وسهلة الهضم، ومعظمها يحتوي على نسبة عالية من الماء.
- البطيخ والشمام من أفضل الخيارات. يحتويان على أكثر من 90% ماء، مما يساعد على الترطيب بشكل ممتاز. يمكنك تقطيعهما إلى قطع صغيرة سهلة الأكل، أو حتى هرسهما إذا كان طفلك صغيرًا.
- الفراولة والكيوي غنية بفيتامين C الذي يقوي جهاز المناعة ويساعد الجسم على محاربة العدوى. لكن انتبهي، بعض الأطفال قد يجدون الكيوي حامضًا، لذا جربي كميات صغيرة أولاً.
- الموز رائع لأنه سهل الهضم ويمد الجسم بالطاقة والبوتاسيوم. إذا كان طفلك يعاني من الإسهال بسبب المرض، فالموز يساعد في تماسك البراز أيضًا.
⊗ تجنبي الفواكه الحمضية جدًا مثل الليمون والبرتقال إذا كان طفلك يعاني من التهاب في الحلق، فقد تسبب حرقة وألمًا. لكن إذا كان حلقه بخير، فعصير البرتقال المخفف يمكن أن يكون مفيدًا.
الخضروات المطهية والخفيفة على المعدة
الخضروات المطهية جيدًا هي خيار مثالي للطفل المريض. تجنبي الخضروات النيئة أو الصلبة، فهي صعبة الهضم وقد ترهق معدة طفلك.
- البطاطس المسلوقة أو المهروسة مع قليل من الزبدة هي طعام مريح ومشبع. يمكنك إضافة قليل من المرق لجعلها أطرى وأسهل في البلع. الجزر المسلوق والمهروس أيضًا ممتاز، وهو غني بفيتامين A المفيد للمناعة.
- الكوسة والقرع العسلي من الخضروات الخفيفة جدًا والتي نادرًا ما تسبب حساسية أو إزعاج للمعدة. يمكنك طهيها على البخار ثم هرسها، أو إضافتها إلى الشوربة.
- البروكلي والقرنبيط مفيدان، لكن قد يسببان غازات لبعض الأطفال، لذا استخدميهما بحذر. إذا أردت تقديمهما، تأكدي من طهيهما جيدًا حتى تصبح طرية جدًا.
البروتينات الخفيفة: الدجاج المسلوق، البيض
البروتين مهم لمساعدة الجسم على الشفاء وإصلاح الأنسجة، لكن يجب أن يكون خفيفًا وسهل الهضم.
- صدر الدجاج المسلوق أو المشوي (بدون جلد) هو أفضل خيار. قطعيه إلى قطع صغيرة جدًا، أو افرميه إذا كان طفلك صغيرًا. يمكنك خلطه مع الأرز المسلوق أو البطاطس المهروسة لوجبة متكاملة وسهلة.
- البيض المسلوق أيضًا ممتاز، خاصة صفار البيض الذي يحتوي على فيتامينات مهمة. تجنبي البيض المقلي أو المطهو بالزيت الكثير، فهو ثقيل على المعدة.
- السمك الأبيض المسلوق أو المطهو على البخار خيار جيد للأطفال الأكبر سنًا الذين اعتادوا عليه. لكن تأكدي من إزالة جميع الشوك بعناية.
⊗ تجنبي اللحوم الحمراء خلال فترة المرض، فهي تحتاج وقتًا أطول للهضم وقد ترهق الجهاز الهضمي للطفل.

أطعمة ومشروبات أثناء الحمى يجب تجنبها
الأطعمة الدسمة والمقلية
عندما يكون طفلك مريضًا، آخر شيء تحتاجه معدته هو طعام ثقيل ودسم. الأطعمة المقلية تحتاج طاقة كبيرة للهضم، والجسم يحتاج كل طاقته لمحاربة المرض.
البطاطس المقلية، الدجاج المقرمش، الفطائر المحشوة باللحم، كل هذه الأطعمة تبدو شهية، لكنها ليست الخيار الأمثل الآن. الدهون تبطئ عملية الهضم وقد تسبب الغثيان أو القيء للطفل المريض.
حتى الطعام المطبوخ في المنزل، إذا كان يحتوي على كمية كبيرة من الزيت أو السمن، فمن الأفضل تجنبه مؤقتًا. بدلاً من ذلك، اعتمدي على الطرق الصحية مثل السلق والبخار والشوي بأقل كمية دهون.
المشروبات الغازية والعصائر الصناعية
- المشروبات الغازية ليست فقط عديمة الفائدة للطفل المريض، بل قد تكون ضارة. تحتوي على كميات كبيرة من السكر والمواد الحافظة والغازات التي تسبب الانتفاخ وعدم الراحة. السكر الزائد يمكن أن يضعف جهاز المناعة مؤقتًا، وهذا آخر شيء نريده عندما يحارب جسم طفلك العدوى. كما أن المشروبات الغازية تحتوي على كافيين في بعض الأحيان، والكافيين مدر للبول، مما يزيد من خطر الجفاف.
- العصائر الصناعية المعلبة أيضًا تحتوي على سكريات مضافة ومواد حافظة وألوان صناعية. حتى تلك التي تدعي أنها “طبيعية” غالبًا ما تحتوي على سكر أكثر مما تحتاجه معدة طفلك المريض.
إذا أصر طفلك على شيء بطعم حلو، قدمي له عصيرًا طبيعيًا مخففًا بالماء، أو اصنعي له مثلجات منزلية من الفواكه الطبيعية المهروسة.
منتجات الألبان الثقيلة
هذه نقطة مثيرة للجدل. بعض الأطباء يقولون إن الحليب ومنتجات الألبان تزيد من إفراز المخاط وتجعل السعال أسوأ مما يزيد من الحمى، بينما يرى آخرون أن هذا غير صحيح علميًا. لكن ما هو مؤكد هو أن منتجات الألبان الثقيلة مثل الجبن الدسم والقشطة قد تكون صعبة الهضم على معدة الطفل المريض.
إذا كان طفلك معتادًا على شرب الحليب ولا يعاني من القيء أو الإسهال، فلا مانع من إعطائه كوبًا صغيرًا. لكن تجنبي الكميات الكبيرة أو المنتجات الثقيلة جدًا.
الزبادي الطبيعي قليل الدسم يمكن أن يكون استثناء. فهو يحتوي على بكتيريا نافعة تساعد في تحسين الهضم وتقوية المناعة. يمكنك خلطه مع الموز المهروس لوجبة خفيفة ومغذية.
توصيات أثناء الحمى حسب عمر الطفل
الرضع (أقل من سنة)
- الرضع الصغار يحتاجون عناية خاصة جدًا عندما يمرضون. إذا كان رضيعك يعاني من الحمى وعمره أقل من ثلاثة أشهر، يجب التوجه للطبيب فورًا دون تأخير. الحمى في هذا العمر قد تكون علامة على عدوى خطيرة.
- بالنسبة للرضع الذين يرضعون طبيعيًا، استمري في إرضاعهم بشكل متكرر. حليب الأم هو أفضل دواء لهم، فهو يحتوي على أجسام مضادة تحارب العدوى ويوفر كل السوائل التي يحتاجونها. لا تحاولي إعطاء الرضيع ماء إضافيًا إذا كان عمره أقل من ستة أشهر إلا بأمر الطبيب.
- الرضع الذين يتناولون الحليب الصناعي يجب أن يستمروا في تناول رضعاتهم المعتادة. يمكنك تقليل كمية الحليب في كل رضعة وزيادة عدد الرضعات إذا كان الرضيع يتقيأ.
- إذا كان الرضيع قد بدأ تناول الأطعمة الصلبة (بعد الشهر السادس)، يمكنك تقديم أطعمة خفيفة مثل حبوب الأرز المطحونة المخلوطة بالحليب، أو الموز المهروس، أو البطاطس المسلوقة والمهروسة جيدًا.
الأطفال من 1 إلى 5 سنوات
هذه الفئة العمرية هي الأكثر عرضة للإصابة بالحمى المتكررة، خاصة إذا كان الطفل يذهب إلى الحضانة. الجيد هنا أن لديك خيارات أكثر في الطعام:
- قدمي وجبات صغيرة متكررة بدلاً من ثلاث وجبات كبيرة. الطفل المريض الذي يعاني من الحمى غالبًا ما يفقد شهيته، لذا لا تجبريه على تناول كميات كبيرة. ملعقتان من الأرز بالدجاج المسلوق أفضل من طبق كامل يرفضه.
- الشوربة والمرق ممتازان لهذا العمر. يمكنك تقديم شوربة الدجاج مع الشعيرية الصغيرة، أو شوربة الخضروات المهروسة. الطفل في هذا العمر يستطيع استخدام الملعقة أو يمكنك مساعدته.
- الفواكه الطرية مثل الموز والكمثرى المسلوقة والتفاح المطبوخ كلها خيارات جيدة. تجنبي الفواكه الصلبة أو الجافة التي قد تكون صعبة البلع.
- العسل مسموح في هذا العمر (بعد السنة الأولى)، ويمكن إضافته للمشروبات الدافئة أو الزبادي لتحسين الطعم وتوفير فوائد مضادة للبكتيريا.
الأطفال فوق 5 سنوات
الأطفال الأكبر سنًا أسهل في التعامل معهم عمومًا، فهم يستطيعون التعبير عما يريدون ويمكنهم تناول معظم الأطعمة.
في هذا العمر، يمكنك تقديم وجبات أكثر تنوعًا. أرز بالدجاج، معكرونة بصلصة طماطم خفيفة، بطاطس مسلوقة، بيض مسلوق، كلها خيارات مقبولة. المهم أن تكون الأطعمة مطهوة جيدًا وليست دسمة.
شجعي طفلك على شرب السوائل بشكل مستمر. يمكنك تقديم الماء، العصائر المخففة، الشاي الخفيف مع العسل والليمون، أو حتى المثلجات المنزلية التي تساعد على ترطيب الحلق.
الأطفال في هذا العمر قد يشتهون أطعمة معينة حتى أثناء المرض والحمى. استمعي لرغباتهم ضمن الحدود الصحية. إذا طلب طفلك نوعًا معينًا من الحساء أو الفاكهة، حاولي توفيره له. الراحة النفسية جزء مهم من الشفاء.
♥ لا تقلقي كثيرًا إذا لم يأكل طفلك بشكل طبيعي لمدة يوم أو يومين. الأهم هو السوائل. طالما أنه يشرب بشكل كافٍ، فجسمه لن يتضرر من قلة الطعام المؤقتة.
تجارب واقعية لأمهات عانين أطفالهن من الحمى
قصة أم استخدمت المرق والليمون بنجاح
تحكي نادية، أم لثلاثة أطفال، عن تجربتها عندما أصيب ابنها الأوسط بحمى شديدة استمرت ثلاثة أيام. تقول: “كنت خائفة جدًا، خاصة أن حرارته وصلت إلى 39 درجة. ذهبت به للطبيب بالطبع وأعطاه دواء خافض للحرارة، لكني أردت أن أفعل شيئًا إضافيًا”.
قررت نادية تحضير مرق دجاج منزلي غني. سلقت دجاجة كاملة مع البصل والثوم والجزر، وأضافت قليلاً من الليمون في النهاية(المرق دافئ وليس ساخن عند اضافة الليمون). “كنت أقدم له كوبًا دافئًا من المرق كل ساعتين تقريبًا. في البداية كان يرفض، لكن عندما جربه أحبه”.
تضيف نادية: “لاحظت أن ابني بدأ يتحسن بشكل ملحوظ في اليوم الثاني. كان يتعرق أقل، ونام بشكل أفضل. أعتقد أن المرق ساعد جسمه على محاربة العدوى بشكل أسرع. الآن، كلما مرض أحد أطفالي، أول شيء أفعله هو تحضير قدر كبير من المرق”.
⇐ الدرس المستفاد من تجربة نادية هو أهمية الجمع بين العلاج الطبي والتغذية الصحيحة. المرق لم يكن بديلاً عن الدواء، لكنه كان مكملاً فعالاً ساعد الطفل على الشفاء أسرع.
تجربة فاشلة مع عصير البرتقال
على الجانب الآخر، تروي سارة تجربة مختلفة تمامًا. عندما أصيبت ابنتها البالغة من العمر ثلاث سنوات بالحمى، قررت سارة أن تعطيها كميات كبيرة من عصير البرتقال الطازج. “قرأت في مكان ما أن فيتامين C يقوي المناعة، ففكرت أن عصير البرتقال سيكون رائعًا”.
النتيجة عكست توقعاتي تماماً. بدأت الطفلة تشتكي من ألم في بطنها، ثم أصيبت بإسهال شديد. “لم أكن أعرف أن عصير البرتقال المركز قد يسبب إسهالاً، خاصة للأطفال الصغار. كما أن حموضته كانت تزعج حلقها الملتهب، فكانت ترفض شربه وتبكي”.
اضطرت سارة للتوقف عن إعطاء ابنتها عصير البرتقال والعودة للماء والمرق البسيط. “تعلمت درسًا مهمًا: ليس كل ما يبدو صحيًا مناسب في كل الأوقات. الحمضيات قد تكون مفيدة، لكن ليس عندما يكون الطفل يعاني من التهاب في الحلق أو معدة حساسة”.
هذه التجربة تذكرنا بأهمية مراعاة حالة الطفل الفردية. ما ينفع طفلاً قد يضر آخر. الأفضل دائمًا هو البدء بكميات صغيرة ومراقبة رد فعل الطفل.
عند الحمى متى تكون زيارة الطبيب ضرورية؟
بينما يمكن التعامل مع معظم حالات الحمى في المنزل، هناك علامات تحذيرية يجب عدم تجاهلها أبدًا:
- إذا كان عمر طفلك أقل من ثلاثة أشهر وأصيب بحمى (حتى لو كانت طفيفة)، اذهبي للطبيب فورًا. في هذا العمر الصغير جدًا، الحمى قد تكون علامة على عدوى خطيرة تحتاج تدخلاً سريعًا.
- الحمى التي تستمر أكثر من ثلاثة أيام دون تحسن تستدعي زيارة الطبيب، حتى لو كان الطفل يبدو بحالة جيدة نسبيًا. قد تكون هناك عدوى تحتاج مضادًا حيويًا أو فحوصات إضافية.
- إذا وصلت حرارة الطفل إلى 40 درجة أو أكثر، هذه حمى عالية جدًا تحتاج تقييمًا طبيًا. حتى لو استجابت للدواء الخافض للحرارة، يجب فحص الطفل لمعرفة السبب.
- الطفل الذي يعاني من صعوبة في التنفس، أو تنفسه سريع جدًا، أو يصدر أصوات غريبة عند التنفس، يحتاج رعاية طبية عاجلة. هذه قد تكون علامة على عدوى في الرئة أو الشعب الهوائية.
- الطفل الخامل جدًا الذي لا يستجيب للمحفزات، أو يصعب إيقاظه، أو يبدو مشوشًا، هذه علامات خطر شديدة. اذهبي لأقرب مستشفى فورًا.
- القيء المتكرر الذي يمنع الطفل من شرب أي سوائل، أو الإسهال الشديد مع علامات الجفاف (فم جاف، عدم تبول لست ساعات أو أكثر، بكاء بدون دموع)، كل هذه تستدعي تدخلاً طبيًا.
- الطفح الجلدي المصاحب للحمى، خاصة إذا كان لا يختفي عند الضغط عليه، قد يكون علامة على عدوى خطيرة مثل الحمى الشوكية. لا تنتظري، اذهبي للطوارئ.
الفرق بين الحمى الفيروسية والبكتيرية
معرفة الفرق بين العدوى الفيروسية والبكتيرية مهمة، لأنها تحدد نوع العلاج المطلوب:
⇐ العدوى الفيروسية هي الأكثر شيوعًا عند الأطفال. عادة ما تكون مصحوبة بأعراض مثل سيلان الأنف، السعال، احتقان الحلق الخفيف، وربما إسهال خفيف. الحمى غالبًا ما تكون معتدلة (38-39 درجة) وتستجيب جيدًا للأدوية الخافضة للحرارة. الطفل قد يبدو متعبًا لكنه يستطيع اللعب ببعض الوقت. العدوى الفيروسية لا تحتاج مضادات حيوية وتشفى من تلقاء نفسها خلال 5-7 أيام.
⇐ العدوى البكتيرية عادة ما تكون أكثر حدة. الحمى قد تكون أعلى وأصعب في السيطرة عليها. الطفل يبدو مريضًا حقًا وخاملاً معظم الوقت. قد تكون هناك أعراض محددة مثل ألم شديد في الأذن، أو صعوبة في البلع، أو ألم عند التبول، أو سعال مع بلغم أخضر أو أصفر. العدوى البكتيرية غالبًا ما تحتاج مضادًا حيويًا.
♥ لكن تذكري: التشخيص الدقيق يحتاج طبيبًا. لا تعطي طفلك مضادًا حيويًا من نفسك أو من بقايا وصفة سابقة. المضادات الحيوية غير المناسبة قد تضر أكثر مما تنفع وتساهم في مشكلة مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية.
نصائح عملية عند تقديم الشراب والطعام لطفلك المحموم
جدول يومي لتقديم المشروبات
تنظيم تقديم السوائل لطفلك المريض يساعد على ضمان حصوله على كمية كافية طوال اليوم. إليك جدول مقترح يمكنك تعديله حسب حالة طفلك وعمره:
- الساعة 7 صباحًا. كوب من الماء الفاتر فور استيقاظ الطفل. لا تقدمي شيئًا باردًا جدًا على معدة فارغة.
- الساعة 8 صباحًا. مع وجبة الإفطار الخفيفة (مثل الزبادي أو البيض المسلوق)، قدمي كوب من العصير الطبيعي المخفف أو كوب حليب دافئ للأطفال الأكبر.
- الساعة 10 صباحًا. نصف كوب من مرق الدجاج الدافئ أو كوب من عصير التفاح المخفف.
- الساعة 12 ظهرًا. مع وجبة الغداء، كوب من الماء أو الشوربة الخفيفة.
- الساعة 2 بعد الظهر. كوب من الأعشاب المناسبة للأطفال مثل النعناع أو اليانسون مع ملعقة عسل.
- الساعة 4 عصرًا. نصف كوب من العصير الطبيعي المخفف أو كوب ماء مع شرائح فاكهة طازجة.
- الساعة 6 مساءً. مع وجبة العشاء الخفيفة، كوب شوربة خضروات أو مرق دجاج.
- الساعة 8 مساءً. كوب من الحليب الدافئ (إذا كان مناسبًا) أو ماء دافئ قبل النوم.
- خلال الليل. احتفظي بكوب ماء بجانب سرير الطفل في حال استيقظ عطشانًا.
تذكري أن هذا جدول مرن. إذا رفض طفلك شرب شيء معين في وقت محدد، لا تجبريه. انتظري قليلاً وحاولي مرة أخرى. الهدف هو تقديم السوائل بانتظام طوال اليوم، وليس بالضرورة التقيد بأوقات صارمة.
قائمة تسوق للأطعمة المناسبة
عندما يمرض طفلك، آخر شيء تريدين فعله هو التفكير في ماذا تشترين من السوق. إليك قائمة جاهزة يمكنك طباعتها أو حفظها في هاتفك:
من قسم الفواكه والخضروات:
- موز (سهل الهضم ومغذي).
- تفاح (يمكن طهيه أو تقديمه طازجًا).
- بطيخ أو شمام (للترطيب).
- جزر (للشوربة والسلق).
- بطاطس (متعددة الاستخدامات).
- كوسة (خفيفة على المعدة).
- بصل وثوم (لتحضير المرق).
من قسم اللحوم والبروتين:
- صدور دجاج (للسلق والمرق).
- بيض (للسلق).
- سمك أبيض (اختياري للأطفال الأكبر).
من قسم الألبان:
- زبادي طبيعي قليل الدسم.
- حليب (حسب تفضيل الطفل).
- زبدة قليلة الدسم (لتحسين طعم البطاطس).
من قسم المشروبات:
- عصير تفاح طبيعي 100%.
- عصير عنب طبيعي.
- أعشاب مناسبة للأطفال (نعناع، يانسون، كراوية).
من قسم البقالة:
- أرز أبيض.
- شعيرية صغيرة.
- عسل طبيعي (للأطفال فوق السنة).
- ملح خفيف.
- بسكويت سادة خفيف.
من قسم المجمدات:
- خضروات مشكلة مجمدة (للشوربات السريعة).
هذه القائمة تكفي لعدة أيام وتوفر لك خيارات متنوعة لتحضير وجبات خفيفة ومغذية. احتفظي ببعض هذه الأصناف في بيتك دائمًا لتكوني مستعدة.

الخاتمة
رعاية طفل مريض ليست سهلة أبدًا. الليالي الطويلة، القلق المستمر، والشعور بالعجز عن تخفيف آلامه، كل هذا يجعل التجربة صعبة على كل أم. لكن تذكري دائمًا أن جسم طفلك الصغير أقوى مما تتخيلين. معظم حالات الحمى تشفى من تلقاء نفسها خلال أيام قليلة ( مع عمل كمادات للطفل للمساعدة في خفض درجة الحرارة). دورك كأم ليس فقط إعطاء الدواء، بل تقديم الدعم الكامل لجسم طفلك ليحارب المرض. التغذية الصحيحة من أطعمة تخفض الحرارة للأطفال ومشروبات، الترطيب المستمر، والراحة الكافية، هذه الثلاثية هي أساس الشفاء السريع. لا تقللي من أهمية الطعام والشراب في رحلة الشفاء.
استمعي لطفلك، راقبي علامات جسمه، ولا تترددي في طلب المساعدة الطبية عند الحاجة. أنت تعرفين طفلك أكثر من أي شخص آخر، وحدسك كأم غالبًا ما يكون صحيحًا. إذا شعرت أن شيئًا ليس على ما يرام، لا تنتظري.
وأخيرًا، لا تلومي نفسك إذا مرض طفلك. الأطفال يمرضون، هذا جزء طبيعي من بناء مناعتهم. كل عدوى يتعرض لها الآن تجعل جهازه المناعي أقوى للمستقبل. أنت تقومين بعمل رائع، وطفلك محظوظ بوجودك بجانبه.
ملخص المقالة:
عندما يصاب الطفل بالحمى، من المهم التركيز على الترطيب والتغذية الخفيفة لدعم جسمه في مقاومة المرض. أفضل المشروبات تشمل الماء، المرق، العصائر الطبيعية المخففة (خاصة التفاح)، والأعشاب الآمنة مثل النعناع واليانسون.
أما الأطعمة المفيدة فهي الفواكه الغنية بالماء مثل البطيخ والموز، والخضروات المسلوقة كالجزر والبطاطس، والبروتينات الخفيفة مثل الدجاج المسلوق والبيض.
يُفضل تجنب الأطعمة الدسمة والمقلية، العصائر الصناعية، والمشروبات الغازية.
ويجب مراجعة الطبيب إذا استمرت الحمى أكثر من 3 أيام أو ظهرت أعراض خطيرة كصعوبة التنفس أو الخمول الشديد.
القاعدة الذهبية: السوائل والراحة والتغذية البسيطة هي مفتاح التعافي.
أسئلة شائعة
هل اللبن يخفض الحرارة؟
اللبن (الحليب) لا يخفض الحرارة بشكل مباشر، لكنه يوفر سوائل وعناصر غذائية مهمة للطفل المريض. هناك اعتقاد شائع أن الحليب يزيد من إفراز المخاط ويجعل السعال أسوأ، لكن معظم الدراسات الحديثة تشير إلى أن هذا غير صحيح. المشكلة الوحيدة هي أن الحليب قد يكون ثقيلاً على معدة بعض الأطفال المرضى، خاصة إذا كانوا يعانون من الغثيان أو القيء. إذا كان طفلك يحب الحليب ولا يعاني من مشاكل في المعدة، فلا مانع من تقديمه له بكميات معتدلة. أما إذا كان يرفضه أو يتقيأ بعده، فالماء والمرق خيار أفضل.
كم من الوقت يجب أن أنتظر قبل الذهاب للطبيب؟
بشكل عام، معظم حالات الحمى الفيروسية البسيطة تتحسن خلال 2-3 أيام. إذا كانت حرارة طفلك معتدلة (38-39 درجة)، ويستجيب للدواء الخافض للحرارة، ويأكل ويشرب ولو قليلاً، ولا توجد أعراض مقلقة أخرى، يمكنك الانتظار 3 أيام. لكن إذا استمرت الحمى أكثر من ذلك، أو كانت عالية جدًا (40 درجة أو أكثر)، أو إذا ظهرت أعراض مقلقة مثل صعوبة التنفس أو الخمول الشديد، اذهبي للطبيب فورًا دون انتظار. للرضع تحت 3 أشهر، أي حمى تستدعي زيارة فورية للطبيب.
هل يمكن إعطاء الطفل عصير البرتقال مع الحمى؟
عصير البرتقال غني بفيتامين C المفيد للمناعة، لكنه ليس مناسبًا لكل الأطفال أثناء الحمى. إذا كان طفلك يعاني من التهاب في الحلق، فالحموضة العالية في البرتقال قد تسبب ألمًا وحرقة. كما أن السكر الطبيعي في العصير قد يسبب إسهالاً إذا كان الطفل معدته حساسة. إذا أردت تقديم عصير البرتقال، خففيه جيدًا بالماء (ربع كوب عصير مع ثلاثة أرباع كوب ماء) وقدميه بكميات صغيرة أولاً لاختبار رد فعل الطفل. إذا كان حلقه ملتهبًا، تجنبيه تمامًا واستبدليه بعصير التفاح المخفف.
لماذا يرفض طفلي الأكل عندما يكون مريضًا؟
فقدان الشهية أثناء المرض أمر طبيعي جدًا. عندما يحارب الجسم عدوى، يركز كل طاقته على الجهاز المناعي بدلاً من الهضم. كما أن الحمى نفسها تقلل الشهية، وبعض الأطفال قد يشعرون بالغثيان أو يجدون طعم الطعام مختلفًا عن المعتاد. هذا لا يدعو للقلق طالما أن الطفل يشرب سوائل كافية. جسم الطفل يستطيع تحمل عدم الأكل لمدة 24-48 ساعة دون مشاكل، لكنه لا يستطيع تحمل الجفاف. ركزي على السوائل أولاً، وقدمي الطعام بكميات صغيرة جدًا دون إجبار. عندما يبدأ الطفل بالتحسن، ستعود شهيته تدريجيًا.
هل الأعشاب آمنة لجميع الأطفال؟
ليست كل الأعشاب آمنة للأطفال، خاصة الرضع الصغار. الأعشاب الآمنة بشكل عام للأطفال فوق 6 أشهر تشمل: النعناع الخفيف، اليانسون، الكراوية، والبابونج، بشرط تقديمها بتركيز خفيف جدًا وبكميات قليلة. تجنبي تمامًا إعطاء أعشاب قوية مثل الزنجبيل، القرفة، أو الشاي الأسود للأطفال الصغار. لا تعطي أي أعشاب للرضع تحت 6 أشهر إلا بأمر الطبيب. وحتى للأطفال الأكبر، يجب أن يكون المنقوع خفيفًا جدًا ودافئًا وليس ساخنًا. إذا كان لديك أي شك حول عشبة معينة، استشيري طبيب الأطفال قبل إعطائها لطفلك.