حنان أسرتي- هي مدونة تتحدث عن المرأة - الحياة الزوجية - منوعات اجتماعية - الأم و الطفل - الحياة الاسرية ) نقدم لكم محتوى غني ومفيد يركز على تعزيز الروابط العائلية وبناء أسرة سعيدة وصحية

لماذا ترتفع معدلات الطلاق في الدول العربية؟ الأسباب والحلول

الطلاق في الدول العربية

 الطلاق هو انفصال شرعي بين الزوجين بعد عقد الزواج، وهو ظاهرة اجتماعية تؤثر على الأسرة والمجتمع بشكل عام. في العالم العربي، تشهد معدلات الطلاق ارتفاعا ملحوظا في السنوات الأخيرة، مما يثير العديد من التساؤلات عن أسبابها وعواقبها وسبل الحد منها. في هذه المقالة، سنحاول استعراض بعض الإحصائيات والدراسات المتعلقة بالطلاق في الدول العربية، وتحليل العوامل المؤثرة على زيادة هذه الظاهرة، وتقديم بعض المقترحات للحفاظ على استقرار الأسرة والمجتمع.

إحصائيات عن الطلاق

وفقاً لتقرير صادر عن المنظمة العربية للتنمية الإدارية، فإن متوسط معدل الطلاق في الدول العربية بلغ 25.8% في عام 2019، مقارنة بـ 20.2% في عام 2010، وهو ما يعني أنه يحدث طلاق واحد في كل أربع حالات زواج. وتتفاوت هذه النسبة بين الدول العربية، ففي بعضها تصل إلى أكثر من 50%، وفي بعضها الآخر تكاد تكون معدومة.

الأسباب والعوامل المؤثرة

لا يمكن تحديد سبب لارتفاع معدلات الطلاق في الدول العربية واحد ، بل هناك عدة عوامل متداخلة ومتغيرة تؤثر على العلاقة الزوجية والاستقرار الأسري. وفيما يلي بعض من هذه العوامل:

العوامل الاقتصادية: تعتبر الظروف المعيشية الصعبة والبطالة والفقر والتضخم والديون من أهم العوامل التي تسبب الضغوط والصراعات بين الزوجين، وتؤدي إلى عدم القدرة على تحمل المسؤوليات وتلبية الحاجات الأساسية والاجتماعية والنفسية للأسرة.

كما تؤثر العوامل الاقتصادية على قرار الزواج نفسه، فالشباب والشابات يؤجلون الزواج بسبب ارتفاع تكاليفه وصعوبة توفير السكن والمهر والأثاث والمستلزمات. وهذا يؤدي إلى تقليل فرص الزواج وزيادة فرص الطلاق.
العوامل الاجتماعية: تشمل هذه العوامل التغيرات السريعة والكبيرة التي تحدث في المجتمعات العربية، والتي تؤثر على القيم والمعايير والتوقعات بين الزوجين. فمن جهة، هناك تنامي الوعي والتعليم والمشاركة والتمكين للمرأة، ومن جهة أخرى، هناك تراجع في الدور والسلطة والمكانة والثقة للرجل.

وهذا يؤدي إلى خلق صراعات وتوترات بين الزوجين، وعدم التوافق والتكيف والتفاهم، لأن الحدود غير واضحة وغير منضبطة بضوابط الشرع .
كما تؤثر العوامل الاجتماعية على العلاقات الأسرية والمجتمعية، فالتدخلات الزائدة والسلبية من الأهل والأقارب والأصدقاء، والتأثيرات الخارجية والإعلامية والثقافية، والانفتاح على العولمة والتكنولوجيا والانترنت، كلها تلعب دورا في تشكيل الرأي والسلوك والقرار بين الزوجين.
العوامل النفسية: تتعلق هذه العوامل بالشخصية والميول والمشاعر والانفعالات والصحة النفسية للزوجين، والتي تؤثر على طريقة تفاعلهما وتعاملهما مع بعضهما ومع المشكلات التي تواجههما. 
 فمن الممكن أن يكون هناك عدم تناسب أو توافق بين شخصيتي الزوجين، أو أن يكون أحدهما يعاني من اضطرابات نفسية أو عاطفية أو سلوكية، أو أن يكون هناك خلافات أو صدامات بين معتقداتهما أو قيمهما أو أهدافهما أو تطلعاتهما.
وهذا كله يؤدي إلى تشويه الصورة الذاتية لبعضهما والزوجية والأسرية، ويقلل الثقة والاحترام والحب والتفاهم والتسامح بين الزوجين.
 بعض الأزواج يعانون من صعوبات في التعبير عن مشاعرهم وحاجاتهم ومشاكلهم، أو في الاستماع والتفهم والتقبل والتسامح مع الطرف الآخر، أو في التعامل مع الخلافات بطريقة سليمة وبناءة. 
 وهذا يؤدي إلى تراكم العتب والحقد والكراهية والانزعاج والملل والمناوشات والعنف بين الزوجين، والتفكير في الانفصال كحل أسهل وأسرع.
 كما يعاني بعض الأزواج من اضطرابات نفسية مثل الاكتئاب والقلق والوسواس والتوحد والفصام والادمان وغيرها من الاضطرابات، والتي تؤثر سلبا على قدرتهم على الاندماج والتكيف والتواصل، وتزيد من خطر الطلاق.                                 

الأثار والعواقب للطلاق

يؤدي الطلاق إلى تفكك الأسرة وتشتت الأبناء وتغيير الحالة الاجتماعية والاقتصادية والنفسية للزوجين وهو ما ينعكس بشكل سلبي على المجتمع بأكمله. فلا شك أن الطلاق يحمل معه العديد من الآثار والعواقب السلبية على الزوجين والأسرة والمجتمع. وفيما يلي بعض من هذه الآثار والعواقب:
الآثار الاقتصادية: تتمثل هذه الآثار في تدهور الوضع المادي والمعيشي للزوجين والأبناء بعد الطلاق في الغالب، وزيادة النفقات والديون والمسؤوليات، وانخفاض مستوى الحياة والرفاهية .

الآثار الاجتماعية: تتمثل هذه الآثار في تفكك الأسرة والمجتمع بعد الطلاق، وانقطاع العلاقات والروابط، مما يؤدي الى خسارة الزوجين للدعم والمساندة والاحترام والتقدير من قبل الأهل والأصدقاء والمجتمع، وتعرضهم للنظرة السيئة والتحقير والتنمر والوحدة.

 كما تتمثل في تضرر الأبناء من الانفصال عن أحد الوالدين أو كلاهما، والتنقل بين المنازل والمدارس والأصدقاء، والشعور بالذنب والحزن والحيرة والاكتئاب، والانخفاض في الأداء الدراسي والاجتماعي والسلوكي، والميل إلى العناد والعصبية والعدوانية والانطواء والانحراف أو حتى الانتحار.

الآثار النفسية: تتمثل في تعرض الزوجين والأبناء للصدمة والألم والكآبة والإحباط  والضعف والانكسار، مما يؤثر على صحتهم النفسية والجسدية والعقلية والروحية، ويقلل من ثقتهم بأنفسهم وبالآخرين وبالحياة وبالمستقبل. ويقلل من الثقة والاحترام والحب والتقدير والتسامح مع النفس والآخرين.

الآثار القانونية: تتمثل هذه الآثار في تعقيد الوضع القانوني والإداري للزوجين والأبناء بعد الطلاق، والتعرض للمشاكل والنزاعات والمحاكمات والدعاوى.

الحلول والمقترحات للحد من ظاهرة الطلاق وتأثيرها

لمواجهة ظاهرة الطلاق في الدول العربية، والحد من تأثيراتها السلبية على الأسرة والمجتمع، يجب العمل على مستويات مختلفة وبمشاركة جميع الأطراف المعنية. وفيما يلي بعض الحلول والمقترحات التي يمكن اتخاذها:
على مستوى الفرد والزوجين: يجب أن يكون الزواج قرارا مدروسا من الطرفين، وأن يتم اختيار الشريك الحياتي بناء على المعايير السليمة والمناسبة، وأن يتم التعرف على الشخصية والميول والمبادئ والأهداف والتوقعات لكل منهما.

 كما يجب أن يتعلم الزوجان فن التواصل والتفاهم والتعاون والتنازل والتجديد في العلاقة الزوجية، وأن يحافظا على الثقة والاحترام والحب والتقدير بينهما، وأن يتجنبا الصراعات والخلافات والتأثيرات السلبية، وأن يبحثا عن الحلول الوسط والمرضية للمشاكل والمصاعب التي تواجههما.
وفي حالة الضرورة، يجب أن يلجأ الزوجان إلى الاستشارة للمساعدة في حل الأزمات والتغلب على العقبات.
على مستوى الأسرة والمجتمع: يجب أن تلعب الأسرة والمجتمع دورا داعما ومساندا وإيجابيا في تشجيع وتحفيز وتسهيل الزواج والاستقرار الأسري، وأن تقدم النصح والتوجيه والمساعدة للزوجين في حالة الحاجة، وأن تحترم الأسرة خصوصية وحرية وقرار الزوجين في شؤونهما، وأن تتجنب التدخلات والتعقيدات التي تسبب الاختلافات والانفصال.
 كما يجب أن تساهم المؤسسات والجمعيات والمنظمات الاجتماعية والثقافية والدينية والإعلامية في نشر الوعي والتثقيف والتربية على أهمية الزواج والأسرة والمجتمع، وفي تقديم البرامج والخدمات والمبادرات والمشاريع التي تدعم وتنمي  العلاقة الزوجية والاستقرار الأسري.
على مستوى الدولة والحكومة: يجب أن تعمل الدولة والحكومة على تحسين الظروف الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين، وأن توفر الفرص والمنح والحوافز والتسهيلات للشباب والشابات الراغبين في الزواج، وأن تقدم الدعم والمساعدة والرعاية للأسر المتعففة والمحتاجة بوجه عام والمتضررة من الطلاق بوجه خاص، وأن تشجع الحلول الودية والسلمية والتوفيقية في حالة النزاعات بين الزوجين.

الخاتمة: الطلاق هو ظاهرة معقدة ومتعددة الأبعاد والجوانب، وهو يحمل في طياته العديد من الصعوبات والمخاطر والتبعات على الفرد والأسرة والمجتمع. ولذلك، يجب التعامل معه بحكمة وحذر ومسؤولية، والسعي إلى الوقاية منه قبل العلاج منه، والبحث عن الأسباب والعوامل المؤثرة فيه، والعمل على معالجتها ومنعها، والاستفادة من الحلول والمقترحات المتاحة للحفاظ على الزواج والأسرة والمجتمع. وهذا يتطلب جهدا مشتركا ومتكاملا من جميع الأطراف المعنية، وتوافر الإرادة والنية والتفاؤل.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.