حنان أسرتي- هي مدونة تتحدث عن المرأة - الحياة الزوجية - منوعات اجتماعية - الأم و الطفل - الحياة الاسرية ) نقدم لكم محتوى غني ومفيد يركز على تعزيز الروابط العائلية وبناء أسرة سعيدة وصحية

كيف تتعاملي مع طفلك العدواني والعنيف؟ مع ذكر العقوبات المناسبة

العنف والعدوانية عند الأطفال

هل تواجه صعوبة في التعامل مع طفلك الذي يتصرف بعنف وعدوانية معك أو مع الآخرين؟ هل تشعر بالقلق والإحباط من سلوكه الذي يسبب لك المشاكل والإحراج؟ هل تبحث عن طرق فعالة لتهدئته وترويضه وتعليمه الانضباط والاحترام؟ إذا كانت إجابتك نعم، فأنت في المكان الصحيح. في هذه المقالة، سنقدم لك بعض النصائح والإرشادات التي تساعدك على التعامل مع طفلك العدواني والعنيف بطريقة صحية وإيجابية.

ما هي أسباب العنف والعدوانية عند الأطفال؟

قبل أن نتحدث عن كيفية التعامل مع الطفل العنيف، لابد أن نفهم ما هي الأسباب التي تدفعه للتصرف بهذه الطريقة. فالعنف والعدوانية ليست صفات ثابتة أو موروثة عند الطفل في أغلب الحالات، بل هي سلوكيات يتعلمها ويمارسها نتيجة لعوامل مختلفة، منها:

التقليد والتأثر: قد يقلد الطفل العنيف ما يراه من سلوكيات عنيفة في بيئته المحيطة، سواء في الأسرة أو المدرسة أو الإعلام أو الألعاب. فإذا شاهد الطفل والديه يتشاجران بالصوت أو الضرب، أو رأى معلمه يعاقب زميله بالعنف، أو تابع برنامجاً أو فيلماً يحتوي على مشاهد عنف وقتل، أو لعب لعبة إلكترونية تحتوي على عنف ودماء، وكذلك العيش في بيئة عنيفة كالحروب والنزاعاتفقد يتأثر بهذه النماذج ويحاول تقليدها في تعامله مع الآخرين.           

التعبير عن المشاعر: قد يستخدم الطفل العنيف الضرب أو العض أو الركل كوسيلة للتعبير عن مشاعره السلبية، مثل الغضب أو الخوف أو الحزن أو الإحباط أو الغيرة وغيرها. فإذا كان الطفل لا يمتلك المهارات اللغوية الكافية للتواصل بالكلمات، أو لا يجد من يستمع إليه ويفهمه، فقد يلجأ إلى لغة الجسد لإظهار ما يشعر به.
على سبيل المثال، إذا أخذ أخوه الأصغر لعبته المفضلة دون إذنه، ولم يستطع أن يقول له “أرجوك أعطني لعبتي”، فقد يضربه أو يعضه للتعبير عن غضبه واستيائه.
الحصول على الانتباه أو المكافأة: قد يعتقد الطفل العنيف أن العنف هو الطريقة الوحيدة للحصول على الانتباه أو المكافأة من الآخرين، خاصة إذا كان يشعر بالإهمال أو الحرمان أو الظلم. فقد يجرب الطفل عدة طرق للفت انتباه والديه أو معلمه أو أصدقائه، ولا يجد ردة فعل إلا عندما يتصرف بعنف. وقد يتعلم الطفل أن العنف طريقة فعالة للحصول على ما يريد من الآخرين، سواء كانت لعبة أو حلوى أو هدية. 
على سبيل المثال، إذا ضرب الطفل والدته لتشتري له لعبة من المحل، واستسلمت له في النهاية، فسيتعلم أن الضرب طريقة جيدة للحصول على ما يريد.
البحث عن الهوية أو الانتماء: قد يتصرف الطفل بعنف ليثبت نفسه أو ليكسب احترام وقبول الآخرين، خاصة في مرحلة المراهقة التي يبحث فيها الطفل عن هويته وانتمائه. فقد ينضم الطفل إلى مجموعة من الأصدقاء الذين يمارسون العنف أو التنمر، ويحاول تقليدهم ليكون جزءاً منهم، أو يتحدى السلطة والقواعد ليظهر شجاعته واستقلاليته.
على سبيل المثال، إذا شارك الطفل في عراك مع زميله في المدرسة ليبرهن لأصدقائه أنه قوي وشجاع، أو إذا رفض الطفل الاستماع إلى تعليمات والده ورد عليه بالعنف ليظهر أنه كبير ولا يحتاج إلى أوامر.

الوراثة والعوامل البيولوجية: في بعض الحالات النادرة قد يرث بعض الأطفال صفات عدوانية وميلاً للعنف من آبائهم. كما أن هناك عوامل بيولوجية مثل اضطرابات الهرمونات قد تساهم في العنف.

 الاضطرابات النفسية: مثل اضطرابات الشخصية أو الاكتئاب أو اضطرابات طيف التوحد، والتي قد تجعل الطفل عنيفاً.

 ضعف الوازع الديني والأخلاقي: فالطفل الذي لا يمتلك ضوابط أخلاقية ودينية واضحة قد يميل أكثر للعنف.

الإحباطات والمشكلات النفسية: فشعور الطفل بالإحباط المستمر أو الشعور بالنقص قد يدفعه للتعبير عن نفسه بالعنف. لذا من الضروري معرفة الأسباب ومحاولة تغيير البيئة المحيطة بالطفل وتقديم الدعم النفسي والأخلاقي له للتخلص من سلوكيات العنف والعدوانية.

كيف تتعامل مع طفلك العنيف والعدواني؟

بعد أن عرفنا بعض الأسباب التي تجعل الطفل يتصرف بعنف وعدوانية، فهناك بعض الخطوات التي يمكنك اتباعها لمساعدته على تغيير سلوكه وتحسين علاقتك معه:

احترم مشاعر طفلك: عندما يتصرف طفلك بعنف، لا تستهين بمشاعره أو تسخر منها أو تعاقبها. بل حاول أن تفهم ما يشعر به وما الذي يدفعه للتصرف بهذه الطريقة. اسأله عن سبب غضبه أو خوفه أو حزنه، واستمع إليه بانتباه وتفهم. أظهر له أنك تقبل مشاعره وتحترمها، ولكن لا تقبل سلوكه العنيف. 

على سبيل المثال، يمكنك قول “أنا أفهم أنك غاضب من أخيك لأنه أخذ لعبتك، وهذا شعور طبيعي. لكن لا يجوز أن تضربه أو تعضه، فهذا يؤذيه ويزعجني”.
علم طفلك كيف يعبر عن مشاعره بطرق سليمة: بعد أن تفهم مشاعر طفلك، علمه كيف يعبر عنها بطرق سليمة ومقبولة، بدلاً من العنف. علمه كيف يستخدم الكلمات للتواصل مع الآخرين، وكيف يطلب ما يريد بلطف واحترام. علمه كيف يتنفس بعمق ويهدأ نفسه عندما يشعر بالغضب أو الإحباط. 
علمه كيف يحل المشاكل بالحوار والتفاوض، بدلاً من الصراع والتهديد. علمه كيف يتحمل الرفض والخيبة، وكيف يتعامل معها بشجاعة وصبر. 
على سبيل المثال، يمكنك قول “إذا كنت تريد لعبة أخيك، لا تضربه أو تصرخ عليه. بل قل له بكلمات ودودة أنك تريد أن تلعب معه، أو انتظر حتى ينتهي من اللعب، أو اقترح عليه أن تلعبوا سوياً. إذا رفض، لا تزعل أو تنفعل. بل ابحث عن لعبة أخرى تلعب بها، أو اطلب مني أن ألعب معك”.
كن قدوة حسنة لطفلك: الطفل يتعلم بالمشاهدة والتقليد، فإذا رأى منك سلوكاً عنيفاً أو عدوانياً، فسيحاول تقليده. لذلك، كن قدوة حسنة لطفلك، وتصرف بطريقة هادئة ومحترمة مع الآخرين. 
لا ترفع صوتك أو تسب أو تشتم أو تضرب أو تهدد أحداً، حتى لو كنت غاضباً أو مضطرباً. بل عبر عن مشاعرك بكلمات واضحة ومنطقية، وحل المشاكل بالتعاون والتفاهم. 
أظهر لطفلك كيف تتحكم في نفسك وتتصرف بنضج وحكمة. على سبيل المثال، إذا كنت غاضباً من زوجك أو زميلك أو جارك، لا تقم بالصراخ أو الشجار أمام طفلك. بل انسحب إلى مكان هادئ، وتنفس بعمق، وفكر في الأمر بعقلانية، وحاول الحوار بسلام.
ثبت طفلك عندما يتصرف بعنف: عندما يتصرف طفلك بعنف، لا تتجاهل سلوكه أو تبرره أو تساومه. بل ثبته عندما يخطئ، وأوضح له أن سلوكه غير مقبول وله عواقب. افرض عليه عقوبة مناسبة لسنه وخطأه، واجعلها واضحة ومحددة ومنطقية.
 لا تعاقبه بالعنف أو الإهانة أو الإهمال، فهذا سيزيد من عنفه وعدوانه. بل عاقبه بطريقة تربوية وتعليمية، تجعله يدرك خطأه ويتحمل مسؤوليته ويتعلم منه. 
على سبيل المثال، إذا ضرب طفلك زميله في المدرسة، لا تضربه أو تشتمه أو تحرمه من الطعام. بل اجعله يعتذر لزميله، ويساعده في الشفاء، ويعوضه عن أي ضرر لحق به، ويحرمه من مشاهدة التلفاز أو اللعب لمدة معينة.
اثنِ على طفلك عندما يتصرف بشكل إيجابي: عندما يتصرف طفلك بشكل إيجابي، لا تتجاهل سلوكه أو تعتبره أمراً طبيعياً أو مسلماً به. بل اثنِي عليه عندما يصيب، وأوضح له أن سلوكه مقبول ومرغوب فيه، وأنه يجلب لك السعادة والفخر. 
أعطه مكافأة تناسب سلوكه الإيجابي، سواء كانت كلمة طيبة أو ابتسامة أو عناق أو مدح أو شهادة أو هدية. حثه على استمرار هذا السلوك، وأظهر له أنه يمكنه تحقيق أهدافه ورغباته بطرق سلمية. 
على سبيل المثال، إذا شارك طفلك في لعبة جماعية مع أصدقائه، وتعاون معهم واحترم قواعدها ولم يتشاجر مع أحد، فأثني على سلوكه، وقل له “أنا فخور بك لأنك لعبت بشكل جميل مع أصدقائك، وأظهرت لهم أنك صديق طيب ومحترم. هذا سلوك رائع، وأتمنى أن تستمر عليه. هذه هدية لك لتشجيعك على اللعب الجيد”.

إليك بعض النصائح العملية  للتعامل مع الطفل العنيف والعدواني:

– الهدوء وعدم الانفعال: لا ترد بالصراخ أو العنف مع الطفل بل تحدث معه بهدوء واشرح له خطأ تصرفه.

– تجنب العقاب البدني: فالضرب يزيد العنف لدى الطفل، وبدلاً منه يمكن وضع قواعد وحدود واضحة وعقاب منطقي عند الخطأ.
– إشراك الطفل بالأنشطة الجماعية: لتنمية مهارات التواصل الاجتماعي والاندماج مع الآخرين.
– تقديم النموذج الإيجابي: كن قدوة حسنة للطفل بتجنب العنف والسلوكيات السلبية أمامه.
– تعزيز السلوك الإيجابي: مكافأة الطفل عند ضبط أعصابه أو حل المشكلات بالحوار بدلاً من العنف.
– الاستماع للطفل: حاول فهم مشاعره وسبب عدوانه بالاستماع الجيد له.
– إشراك الطفل في الأنشطة الرياضية والبدنية للتخلص من الطاقة السلبية بطريقة إيجابية.
– تعليم الطفل مهارات حل الخلافات والنزاعات بالحوار بدلاً من العنف.
– عدم إهمال سلوك الطفل العدواني بل محاولة فهم أسبابه وعلاجها.
– تجنب الألعاب والبرامج التي تحتوي على عنف أمام الطفل.
– تشجيع ممارسة الطفل للأنشطة الفنية والإبداعية للتعبير عن نفسه.
– تعزيز ثقة الطفل بنفسه وشعوره بالأمان من خلال الدعم والمدح.
– مراقبة سلوك أصدقاء الطفل لتجنب تأثيرهم السلبي.
– إشراك أفراد الأسرة كافة في خطة علاجية لتعديل سلوك الطفل.
– متابعة سلوك الطفل: من المهم ملاحظة التغيرات الإيجابية والسلبية في سلوك الطفل وتعديل أساليب التعامل معه وفق ذلك.
– تقديم الدعم النفسي: قد يحتاج الطفل للعلاج النفسي أو الاستشارة إذا كان العنف مزمنًا.

العقوبات المناسبة للطفل

العقوبات المناسبة للطفل هي تلك التي تهدف إلى تصحيح سلوكه وتعليمه الانضباط والمسؤولية، دون إيذائه نفسياً أو جسدياً. بعض الأمثلة على هذه العقوبات هي:
التخلي عن الأشياء المحبوبة: هذه الطريقة تعني أن تمنع الطفل من الاستمتاع بالأشياء التي يحبها، مثل الكمبيوتر أو البلاي ستيشن أو كرة القدم، إذا فعل شيئاً خاطئاً. هذه الطريقة تجعل الطفل يشعر بالندم على سلوكه، وتشجعه على عدم تكرار الخطأ في المستقبل.
القيام بعمل زائد في المنزل: مثل مساعدة والديه في المطبخ أو ترتيب الكتب، إذا فعل شيئاً خاطئاً. هذه الطريقة تجعل الطفل يتحمل عاقبة خطأه، وتعلمه الاحترام والتعاون
وقت محدد للعقاب: هذه الطريقة تعني أن تعطي الطفل فرصة لتصحيح سلوكه والاعتذار عنه قبل أن تعاقبه، فالهدف من العقوبة هو تربية الطفل وليس انتقام منه، ويساعد اعطاءه الفرصة في تحقيق الهدف من العقوبة دون الحاجة إليها في بعض الحالات، ولكن إذا لم يستجب الطفل بشكل صحيح خلال الفرصة، يجب تطبيق العقوبة المناسبة.

هذه بعض العقوبات المناسبة للطفل، ولكن يجب أن تكون متناسبة مع عمره وخطأه، وأن تسبقها وتتبعها بالحوار والتوضيح والمحبة. كما يجب أن تكون العقوبة آخر الحلول وليس أولها، وأن ترافقها الثناء على السلوك الإيجابي. 

الخاتمة: العنف والعدوانية عند الأطفال هي مشكلة شائعة ومزعجة، تحتاج إلى تفهم وتدخل من قبل الوالدين والمربين. لا يمكن حل هذه المشكلة بالعنف أو الإهمال أو التجاهل، بل بالحب والاحترام والتوجيه. إذا اتبعت الخطوات التي ذكرناها في هذه المقالة، ستتمكن بإذن الله من التعامل مع طفلك العنيف والعدواني بطريقة صحية وإيجابية، وستساعده على تغيير سلوكه وتحسين شخصيته وعلاقته مع الآخرين. نتمنى لك ولطفلك حياة سعيدة ومليئة بالخير.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.