تعليم الطفل الدفاع عن نفسه ضد المتنمرين
التنمر هو مشكلة شائعة وخطيرة تواجه الأطفال في المدارس والأماكن العامة. يمكن أن يؤثر التنمر على صحة الطفل النفسية والجسدية والاجتماعية، ويمكن أن يؤدي إلى انخفاض الثقة بالنفس والتحصيل الدراسي والاكتئاب والعنف. من مسؤولية الآباء والأمهات تعليم أطفالهم كيفية الدفاع عن أنفسهم ضد المتنمرين، وتعزيز قدراتهم على التعامل مع المواقف الصعبة بشكل إيجابي وسلمي. فالدفاع عن النفس هو مهارة حياتية هامة لكل شخص، وخاصة للأطفال الذين قد يتعرضون للتنمر أو الاعتداء أو الاستغلال من قبل الآخرين. الدفاع عن النفس لا يعني فقط القدرة على القتال أو الهجوم، بل يعني أيضا القدرة على الوقاية والتجنب والهروب وطلب المساعدة عند الضرورة. في هذا المقال، سنتعرف على بعض الطرق والنصائح التي يمكنك اتباعها لتعليم طفلك الدفاع عن نفسه بشكل فعال وآمن. لتعليم طفلك الدفاع عن نفسه، يجب أن تأخذ في الاعتبار عمره وشخصيته والمواقف التي قد يواجها. كما يجب أن تحثه على تنمية ثقته بنفسه واحترامه للآخرين ومسؤوليته عن تصرفاته. هناك بعض الخطوات والطرق التي يمكنك اتباعها لتحقيق هذه الأهداف، مثل:
1. تحدث مع طفلك عن التنمر
الخطوة الأولى لمواجهة التنمر هي التواصل مع طفلك ومعرفة ما يعاني منه وما يشعر به. اسأل طفلك عن يومه في المدرسة وعن أصدقائه وعن أي مشاكل أو صعوبات يواجها. استمع إلى طفلك بانتباه وتفهم وصبر، ولا تقاطعه أو تنتقده أو تلومه. أظهر لطفلك أنك تهتم به وتدعمه وتثق به. إذا كشف طفلك عن تعرضه للتنمر، فلا تهمل الموضوع أو تقلل من شأنه. اعرف من هو المتنمر وما هي طرق التنمر التي يستخدمها ومتى وأين يحدث التنمر. اشكر طفلك على شجاعته وصراحته في مشاركتك مشكلته، وطمئنه أنه ليس وحده وأنك ستساعده على حلها. قد يحتاج طفلك في بعض الأحيان مرافقته في الطريق إلى المدرسة لحمايته من المتنمرين.
2. علم طفلك كيفية تجنب المتنمرين
إحدى الطرق الفعالة للتعامل مع التنمر هي تجنب المتنمرين قدر الإمكان. علم طفلك كيفية الابتعاد عن المتنمرين وعدم الدخول في مواجهات معهم. شجعه على البقاء هادئًا. المتنمرون غالبًا ما يستفزون ردود الفعل العنيفة. عدم انزعاج طفلك وتأثره يمكن أن يوقف سلوك المضايقة. انصح طفلك بأن يمشي بثقة وينظر إلى الأمام ويتجاهل المتنمرين إذا حاولوا الاستفزاز أو السخرية. كما يمكنه استخدام بعض الحيل لتجنب المتنمرين، مثل تغيير طريقه إلى المدرسة أو الصف أو الملعب، أو الالتحاق بمجموعة من الأصدقاء الذين يحمونه ويدافعون عنه. شجعه على الالتحاق بنشاطات جماعية مثل الألعاب الرياضية أو النوادي المدرسية لتوسيع دائرة أصدقائه، فهذا يساعده على الشعور بالانتماء وتقوية ثقته بنفسه. علّمه كيفية تجنب المواقف التي يمكن أن يتعرض فيها للمضايقة مثل الأماكن المعزولة بالمدرسة.
3. علم طفلك كيفية الدفاع عن نفسه بالكلام
في بعض الأحيان، لا يكفي تجنب المتنمرين لإيقافهم، وقد يضطر طفلك للدفاع عن نفسه بالكلام. علم طفلك كيفية الرد على المتنمرين بطريقة حازمة وواثقة ولكن غير عنيفة أو محرضة على العنف. علمه أن يقول “لا” أو “كفى” بصوت عال وواضح، وأن ينظر في عيني المتنمر ويقف بوضعية مستقيمة. واجعله يتعلم بعض الردود المناسبة مسبقًا مثل “هذا ليس طريقة للتحدث معي” أو “لن أسمح لك بمعاملتي بهذه الطريقة”. كما يمكنه استخدام بعض العبارات الساخرة أو المضحكة للتقليل من قوة السخرية أو الإهانة، مثل “شكرا على رأيك” أو “هذا ما تقوله دائما” أو “أنت مبدع جدا”. دربهم على الصراخ عند الحاجة: إذا شعر طفلك بعدم الارتياح تجاه شيء ما، شجعه على الصراخ بصوتٍ عالٍ لطلب المساعدة.
4. علم طفلك كيفية الدفاع عن نفسه بالأفعال
إذا تطور التنمر إلى العنف الجسدي، فقد يكون من الضروري أن يدافع طفلك عن نفسه بالأفعال. علم طفلك كيفية استخدام بعض الحركات البسيطة والسريعة لصد الهجوم أو الهروب منه مثل الجري أو رياضة الدفاع عن النفس لزيادة ثقته بنفسه وقدرته على التصرف في المواقف الصعبة أو دفع المتنمر بقوة أو ركله في الساق أو البطن أو الحوض أو الركبة أو الكاحل.كما يمكنه استخدام بعض الأشياء المتوفرة لديه كأسلحة دفاعية، مثل حقيبة الظهر أو الكتب أو المشط. علم طفلك أن يستخدم هذه الأفعال فقط في حالات الضرورة القصوى، وأن يهدف إلى إيقاف المتنمر وليس إيذائه.
5. علم طفلك كيفية طلب المساعدة
في بعض الحالات، قد لا يكون بمقدور طفلك الدفاع عن نفسه بمفرده، وقد يحتاج إلى طلب المساعدة من شخص آخر.
علمه كيفية التعرف على المواقف التي تتطلب تدخل شخص بالغ، مثل إذا كان المتنمر أكبر منه أو أقوى منه أو يستخدم سلاحا أو يهدده بالقتل أو يعتدي عليه جنسيا. علمه أيضا كيفية اختيار الشخص المناسب لطلب المساعدة، مثل المعلم أو أصدقائه أو الأهل أو الشرطة إذا لزم الأمر. علمه كيفية الاتصال بالشخص المساعد بسرعة وأمان، وكيفية شرح ما حدث بوضوح وصدق. شجع طفلك على عدم الخجل أو الخوف من طلب المساعدة، وليعلم أنه ليس ضعيفا أو جبانا لطلبه المساعدة بل عاقلا وحكيما.
6. علم طفلك كيفية التعافي من التنمر
التنمر لا ينتهي بمجرد إيقافه، بل يمكن أن يترك آثارا سلبية على نفسية وسلوك طفلك. لذلك، من المهم أن تساعد طفلك على التعافي من التنمر واستعادة ثقته بنفسه وسعادته. علم طفلك كيفية التعامل مع مشاعره السلبية، مثل الغضب أو الحزن أو الخوف أو الندم. علمه كيفية التعبير عن مشاعره بطرق صحية، مثل الكلام أو الكتابة أو الرسم أو الرياضة. وكيف له تقبل ما حدث والتحرر منه، وتعزيز نقاط قوته ومهاراته واهتماماته، وكيفية الاستمتاع بالحياة والتفاؤل بالمستقبل.
وتذكر دائمًا أن تشجع طفلك وتثني عليه. ليس خطأه أنه ضحية المتنمرين. أخبره بأنك فخور بشجاعته واطلب منه إبلاغك على الفور بأي حادثة.
7. علم طفلك كيفية منع التنمر
الخاتمة: تعليم طفلك الدفاع عن نفسه هو واجب عليك كوالد أو والدة، لتحميه من المخاطر التي قد تهدد سلامته وسعادته ومستقبله. لكن هذا لا يعني أن تجعله عنيفاً أو عدوانياً أو متشاكساً مع الآخرين، بل أن تعلمه كيف يستخدم قواه ومهاراته وذكاءه للدفاع عن نفسه بشكل فعال وآمن ومحترم.
في هذه المقالة، قدمنا لك بعض النصائح والخطوات التي يمكنك اتباعها لمساعدة طفلك على الدفاع عن نفسه ضد المتنمرين، وتنمية شخصيته وثقته بنفسه. نأمل أن تكون هذه المقالة مفيدة لك، وأن تساهم في رفع وعيك ومسؤوليتك تجاه هذه المشكلة الجسيمة التي تؤثر على حياة الأطفال ومستقبلهم. ندعوك إلى تطبيق ما تعلمته من هذه المقالة في حياتك، مع الدعاء لله بحفظ أولادنا واولاد المسلمين.